"ليلة" سقوط ريال مدريد

كتب : محمد عمارة

الأربعاء، 13 أبريل 2022 12:18 م

shareicon

مشاركه

عندما أوقعت القرعة ريال مدريد في مواجهة تشيلسي في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، تذكر الجميع مواجهة نصف نهائي الموسم الماضي والتي تأهل فيها النادي اللندني على حساب النادي الملكي بالتعادل معه ذهابا في مدريد والفوز عليه إيابا بثنائية نظيفة في ستامفورد بريدج.. وربما الجميع وليس حتى المعظم كان يرى أن سيناريو كرة القدم يقول أنها ستبتسم لريال مدريد في هذا الموسم خاصة بعد ملحمة كريم بنزيما في سانتياجو برنابيو في التاسع من مارس 2022 بعدما أقصى باريس سان جيرمان بمفرده في 17 دقيقة فقط رغم تأخر الريال بهدف نظيف في باريس وهدف آخر في البرنابيو حتى الدقيقة 61.

وجاء السادس من أبريل 2022.. وانطلقت المواجهة المنتظرة بين ريال مدريد وتشيلسي في ستامفورد بريدج لينتظر الجميع ما سيفعله البلوز في لندن ويعوضه الريال في مدريد.

ولكن حدث ما لم يتوقعه أحد.. وفاجئ بنزيما الجميع برأسيتين في 3 دقائق وبعد مرور 24 دقيقة فقط.. جعلت الجميع يتأكد من ظنونه أن المباراة ستنتهي مبكرا وستبتسم بالفعل لـ ريال مدريد في هذا الموسم

ورغم عودة هافيرتز بهدف ثمين قبل نهاية الشوط الأول بخمس دقائق.. قرر ميندي "الحارس الأفضل في النسخة الماضية" أن يعوض بنزيما بعدما حرمه الموسم الماضي ويهديه الهدف الثالث الذي أنهى كل شكوك ومخاوف البعض في عودة تشيلسي للمباراة لاسيما وأن الملكي من المستحيل أن يخسر على ملعبه بثلاثية نظيفة.. في الوقت الذي كان فيه نادي فياريال الإسباني يكتب ليلة تاريخية بفوزه الغالي والغالي جدا على العملاق البافاري بايرن ميونيخ وأحد أبرز المرشحين للتتويج بدوري أبطال أوروبا هذا الموسم في أول مباراة لـ أوناي إيمري بـ ربع نهائي الأبطال.

وجاء الثاني عشر من أبريل.. والأنظار كلها نحو الأليانز أرينا لمتابعة القصة التاريخية التي كتبها فياريال.. هل يكتمل حلم الغواصات الصفراء.. هل تكتب لهذه القصة الملهمة النهاية السعيدة.. بينما تحول مشجعي مدريد والبعض الآخر للمتابعة الواجبة لمباراة ريال مدريد وتشيلسي والتي لم تحمل أي تشويق أو إثارة حتى وإن كان البلوز هو بطل أوروبا في النسخة الماضية ف ريال مدريد هو ملك "ذات الأذنين" بل والمتخصص في إقصاء حامل اللقب في 4 مناسبات سابقة كلها توج بعدها بالبطولة.

وفي غفلة من الزمن خطف ماسون ماونت هدفا ثمينا لـ تشيلسي بعد ربع ساعة فقط من بداية اللقاء ليتحول الجميع لمشاهدة المباراة من جديد والتي أحياها البلوز بهدف لم يكن متوقعا بل وكان مفاجئا أكثر في توقيته المبكر جدًا.

وبعد أن كان البعض يشعر بأن ليلة الثاني عشر من أبريل 2022 ستكون "عادية" وستمر مرور الكرام بسبب ما حدث ذهابا.. أسقط أنطونيو روديجير مدرجات سانتياجو برنابيو برأسية قوية سكنت شباك تيبو كورتوا ليعلن عن تقدم تشيلسي بهدفين نظيفين في عقر دار الملكي لتتعادل المواجهة بين الفريقين في سيناريو لم يكن في الحسبان.. بينما كان في الوقت نفسه ليفاندوفسكي يحرز هدف بايرن ميونيخ الأول والتعادل في المواجهة والذي جعل الجميع يترك متابعة المباراة علما بأن الأمر انتهى تماما للعملاق البافاري المتقدم على فياريال في الأليانز أرينا.

ثم انفجر السانتياجو برنابيو.. في الدقيقة 60 بعدما أحرز ماركوس ألونسو هدفا صاروخيا في مرمى تيبو كورتوا معلنا عن الهدف الثالث لـ تشيلسي لتحدث المعجزة ويتأهل تشيلسي بهذه النتيجة إلى الدور نصف النهائي في "ريمونتادا تاريخية بكل المقاييي....ولكن...كان للـVAR رأي آخر..وألغى الهدف بداعي أن الكرة لمسة في يد ألونسو بعدما اصدمت بـ كارباخال.. لتعود النتيجة 2-0 والظن وقتها أن الريال سيعود حتما بعد الهدف الملغي.

وفجأة انطلق تيمو فيرنر وأصبح في منطقة جزاء ريال مدريد.. وقبل أن يسدد مسرعا كالمعتاد.. وقف ليراوغ كاسيميرو.. ثم راوغ ديفيد ألابا.. بل وأحرز الكرة هذه المرة في مرمى كورتوا ليعلن بالفعل عن تقدم تشيلسي بثلاثية نظيفة في السانتياجو برنابيو وفي الدقيقة 75 من عمر اللقاء أي قبل ربع ساعة من نهاية المباراة ليكون اليقين أنها لن تكون ليلة الميرنجي وأن تشيلسي فعلها وأقدم على واحدة من أعظم "ما رأينا" في قاموس ريمونتادا كرة القدم.

الشعور لم يكن جماهيريا فقط.. بل تسلل لـ لاعبي تشيلسي الذين شعروا أنهم يلعبون مع أنفسهم على أرض الملعب.. ولكنهم لم ينتبهوا لهذا العجوز القصير.. الأشقر صاحب الـ37 عاما.. الذي كان يتجول والكرة معه مستغلا خطأ الفرنسي نجولو كانتي في التمرير وأمام مراقبة مواطنه مايتو كوفاسيتش.. ليقوم لوكا مودريتش بلمحة سحرية غفل عنها الجميع ورأها فقط في مرمى ميندي بعد أن وجدها البرازيلي رودريجيو في قدمه اليمنى ليمنح النادي الملكي قبلة الحياة في هذه المواجهة التي دمرت كل السيناريوهات والاسكربتات والتوقعات واتجهت للأشواط الإضافية وسط دهشة الجميع لما يحدث في ملعب السانتياجو برنابيو.

وبينما يحبس الجميع أنفاسه سواء من كان في معقل البرنابيو أو من يتابع اللقاء.. كان الصمت يحل على ملعب الأليانز أرينا.. فـ النيجيري صامويل تشاكويزي سجل هدفا قاتلا لـ فياريال في الدقيقة 88 ليذبح به بايرن ميونيخ ويخرجه خارج دوري أبطال أوروبا في مفاجأة هى الأقوى والأكبر والأهم في هذه النسخة وربما في العديد من النسخ الماضية.. لقد ودع بالفعل العملاق البافاري دوري الأبطال.. وعلى يد الغواصات الصفراء.. المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 50 ألف نسمة أي أن عدد سكانها أقل من الحاضرين في ملعب الأليانز أرنيا "70 ألف متفرج".. خرج البايرن ومنح فياريال تأهله الثاني في تاريخه لنصف نهائي الأبطال

ثم عدنا من جديد للسانتياجو برنابيو لنرى ماذا سيحدث في هذه الليلة المجنونة.. في هذه المواجهة التي استنفذت طاقة المشجعين قبل اللاعبين.. في المباراة التي لم يرغب كل محبي كرة القدم انتهائها.. وفجأة.. وبعد 6 دقائق من بداية الشوط الإضافي الأول.. تذكر بطل الذهاب أن اسمه لم يذكر في هذه الليلة التاريخية.. تذكر أن هذا الموسم هو موسمه الذهبي بكل تأكيد.. وتذكر أيضاً أنه القلب النابض والفارس الأبيض والقائد الملكي.. فجاءت الضربة من رأسه السامة ومنح الريال الهدف الثاني بعد خطأ كارثيا من مواطنه الفرنسي نجولو كانتي الذي بدا وكأنه شخصا آخر مختلفا تماما عن القصير المكير الذي تلاعب بريال مدريد وكان رجل المباراة في الذهاب والإياب في الموسم الماضي...

تعلم الجميع الدرس أن هذه المباراة لن تنتهي سوى بصافرة النهاية.. ف احتبست الأنفاس والأميركي بوليستش يضيع الكرة تلو الأخرى.. وحملت الدقائق الأخيرة الرعب والقلق والتوتر لكل مشجعي كرة القدم وليس مشجعي البلوز والميرنجي فقط.. حتى سدد جورجينيو الكرة من داخل منطقة جزاء الملكي ولكنها ذهبت بجوار القائم الأيسر لـ كورتوا ثم سمعنا جميعا صافرة الحكم وهو ينهي هذه المباراة التي بكل تأكيد ستكون عالقة في أذهان الجميع لفترة طويلة.. الليلة التي سقط فيها ريال مدريد على أرضية ملعبه 3-2 أمام تشيلسي العنيد ولكنه تأهل في الأخير لنصف نهائي الأبطال ملاحقا بطولته المفضلة.. ليلة لن تنسى لأنها كتبت تاريخيا أول فوز لـ البلوز في أول زيارة لملعب سانتياجو برنابيو.. ليلة ستظل في الذاكرة لأنها شهدت واحدا من أعظم الأهداف التي استضافها السانتياجو برنابيو.. ليلة لا مثيل لها لأنها حيرت الجميع حتى النهاية رافضه تحديد المتأهلين لنصف النهائي حتى اللحظة الأخيرة.. نعم.. ليلة لن يكون لها مثيل لأنها من ليالي الأبطال.. ليلة ليست كـ غيرها من الليالي لأنها بنكهة دوري الأبطال.. ليلة هى الأفضل لكل محبي كرة القدم لأنها ليلة أبطال أوروبا.. فهكذا تكون ليالي أعظم بطولات الكرة .

ويبدو أن ليلة الثاني عشر من أبريل 2022 لن تكون عادية.