لا إيهاب جلال ولا كيروش.. "الليزر" أنقذ منتخب مصر

كتب : محمد عمارة

الأحد، 12 يونيو 2022 02:11 م

shareicon

مشاركه

مشهد عبثي لا يصدقه عقل.. مشهد خيالي لا يستطيع أفضل سيناريست كتابته.. مشهد أتحدى أشهر المؤلفين أن يبتكر مثله.. مشهد لا يحدث إلا في مصر.. وإذا كنت ستقرأ ما يلي وأنت لست مصريا فاسمح لي عزيزي القارئ أننا نحتفظ بكامل حقوقنا الملكية للسبق الذي أحرزناه وتأكد جيدا أنه ليس وحي خيال ولكنها أحداث حقيقة حدثت بالفعل.

"يومًا ما وتحديدًا في السابع من سبتمبر لعام 2021.. استيقظنا جميعا على خبر تعيين كارلوس كيروش مديرا فنيا لمنتخب مصر في مفاجأة غير متوقعة لم ينتظرها أبرز المتفائلين في الوسط الكروي المصري نظرا لما نعانيه من تخبط إداري في منظومة كرة القدم المصرية منذ فترة طويلة.. الخبر جاء بعد حقبة حسام البدري التي استمرت لمدة عامين وتسببت في ابتعاد العديد من الجماهير المصرية عن متابعة منتخب بلادها أو مشاهدة مبارياته بل أن البعض منهم كان قد فقد الشغف تجاه منتخب مصر".

تعشم الكثيرون وتعشمنا جميعا في كيروش أن يكون طوق النجاة للكرة المصرية.. أن يكون خطوة في الطريق الصحيح الذي لم ندرسه أو نخطط له ولكننا نعمل "بقلوب صافية ونية خالصة وماشيين بنور الله".. وقد كان!.

وقع كيروش مع منتخب مصر وهو يعلم أن لديه مباراتين لا بديل فيهما سوى الفوز بعد شهرا واحدا من تعيينه أمام المنتخب الليبي من أجل ضمان التواجد في الملحق النهائي لتصفيات كأس العالم 2022 و"هو نص عقده مع اتحاد الكرة المصري أن يقود منتخب مصر إلى المونديال أو ينتهي عقده".

ورغم قلة المدة وسوء التوقيت وضغط المباريات المحلية "الملحمية"..فاز كيروش ذهابا على ليبيا بهدف نظيف ثم فاز أيضاً عليها بثلاثية نظيفة في الإياب وضمن تأهل المنتخب المصري للمرحلة النهائية من تصفيات المونديال.

فكان لابد من الاتحاد المصري أن يكافئ كيروش على نجاحه في مهمته الأولى.. فكانت مفاجئته بمشاركة المنتخب المصري في كأس العرب الذي انطلق في قطر في الأول من ديسمبر الماضي و"بدون المحترفين" وبل فوجئ المدرب البرتغالي الشهير أن البعض يطالبه بتحقيق لقب البطولة بحجة "أنهم ملهمش فيه وعايزين البطولة".

فاز كيروش على لبنان بهدف نظيف ثم فاز على السودان بخماسية نظيفة.. ثم جاءت مباراة الجزائر لتكون "مباراة الحكم الحقيقي" على هذا الكيروش الذي استبعد طارق حامد ومن قبله أفشة ومحمد شريف ويفضل مروان حمدي ورغم ذلك يبدو أنه "فاهم هو بيعمل ايه".

قدم منتخب مصر مباراة رائعة أمام المنتخب الجزائري جعلت الكل يصفق بعد التعادل الإيجابي بهدف لكل منهما وتفاجئ الجميع بالتفاف الجماهير من جديد حول منتخب مصر التي أصبحت تنتظر المباراة المقبلة بكل شغف.

وفازت مصر على الأردن في مباراة درامية بالثلاثة في ربع النهائي قبل أن تخسر أمام تونس في اللحظات الأخيرة في نصف النهائي ليعود الإحباط الذي كان ملازما لعديد من الجماهير طوال الفترة الماضية وكأن شيئا لم يكن.

فـ كيروش ضمن التأهل لكأس العالم وقدم لمصر في كأس العرب وجوها جديدة حملت الكثير من الأمل والتفاؤل للشعب المصري.. فالكل صفق للشاب حسين فيصل في مباراة السودان والجميع تغزل في أحمد رفعت الذي تنساه البعض في الدوري وكان سببا في كتابة عمر كمال ومروان داوود وأحمد ياسين ومهند لاشين ومحمد عبدالمنعم تاريخا جديدا في مسيرتهم مع منتخب مصر.

انتهت رحلة منتخب مصر في كأس العالم في 18 ديسمبر 2021 وكانت أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق كأس الأمم الإفريقية الكاميرون 2021 وكانت الغالبية العظمى تتوقع خروج المنتخب من دور الـ16 كأفضل إنجاز يمكن تحقيقه بهذا المستوى وهؤلاء اللاعبين وهذا المدرب.

أيقنت الغالبية العظمى بما كانوا يتوقعوه وتأكد البعض الآخر بذلك أيضاً أن أفضل إنجاز سيكون التأهل لدور الـ16 خاصة بعد الهزيمة من نيجيريا بهدف نظيف في افتتاح دور المجموعات بأداء هزيل وضعيف ولا يليق بالمنتخب المصري.

ثم فازت مصر على غينيا بيساو بهدف نظيف وكررت نفس الفوز على السودان لتتأهل إلى دور الـ16 وتصطدم بـ كوت ديفوار لتنتظر الجماهير الخروج "المهين" من الأفيال المحترفة في أعتد وأقوى الدوريات الأوروبية.

ولكن.. فاجئت مصر الجميع وقاتلت بروح وعزيمة وتألقت كتيبة "كيروش" وتفوقت في الأداء على كوت ديفوار وكان لها الفوز بركلات الترجيح 5-4 عن جدارة واستحقاق في مفاجأة لم يتوقعها أيضاً أبرز المتفائلين في الوسط الكروي المصري.

ثم جاءت مواجهة المغرب بكامل نجومها وعلى رأسهم أشرف حكيمي نجم باريس سان جيرمان الفرنسي.. ورغم التأخر بهدف.. قلبت مصر النتيجة وحولت تأخرها لفوز بهدفين مقابل هدف وتحقق الفوز بإقناع تام أداء ونتيجة أمام أحد المنتخبات المرشحة للفوز بكأس الأممز

وبعد ذلك.. جاءت مواجهة الكاميرون صاحبة الأرض والضيافة.. والجميع كان يثني وبقوة على المنتخب ويعتبر وصوله للمربع الذهبي لكأس الأمم في ظل هذه الظروف وبكل هذه المعاناة إنجازا كبيرا و"كتر خير الدنيا".

كعادة "كيروش" وكتيبته.. فاجئ الجميع وتغلب على الكاميرون بركلات الترجيح ووصل للمباراة النهائية لمواجهة السنغال التي م لم يستطع حسمها أصدقاء ساديو ماني"المحترفين" إلا بركلات الترجيح..ليعود الإحباط مجددا للشعب المصري ويشير البعض أصابع الاتهام لـ كيروش الذي تم وصفه "أنه لا يفقه شيئا في كرة القدم..ومبيلعبش كورة ووصلنا النهائي بالروح والعرق وجودة اللاعبين".

أغلقت سريعا صفحة كأس الأمم واتجهت الأنظار لملاقاة السنغال على المقعد الذهبي في مونديال قطر 2022 ولكن قبل بدايتها بأيام كان رحيل لجنة اتحاد الكرة برئاسة أحمد مجاهد التي تعاقدت مع كيروش ليحل محلها مجلس جمال علام الذي تم انتخابه بإجماع الجمعية العمومية في الخامس من يناير الماضي.

انطلقت مباراة الذهاب وكانت المخاوف من الهزيمة ذهابا وإيابا أمام السنغال التي تمتلك بالفعل أقوى تشكيلة من اللاعبين الذين يلعبون في أقوى الأندية وليس أقوى الدوريات فقط..فـ ماني يلعب في إحدى أقوى فرق العالم.. وميندي كان بطل أوروبا مع تشيلسي.. وإدريسا هو "صمام الأمان" في باريس سان جيرمان.. وكوليبالي رفض التفريط فيه رئيس نابولي مقابل 100 مليون يورو".

ولكن ورغم كل شئ.. فاز المنتخب المصري بهدف نظيف على السنغال وتوجهنا للقاء الإياب والمخاوف تزداد بعد مشاهدة المنتخب السنغالي "المخيف" في الكاميرون والقاهرة.. فكيف سيكون في عقر داره وأمام جماهيره.

تقدم المنتخب السنغالي بهدف ثم قاتل رجال منتخب مصر حتى صافرة النهاية لتكون ركلات الترجيح من جديد هى الحاسمة في الفصل بين مصر والسنغال هذه المرة في التأهل للمونديال
خلق الجمهور السنغالي أجواء مشحونة ولعبوا على إخراج لاعبي منتخب مصر من تركيزهم وكان سلاحهم "الفعال" في ركلات الترجيح هو "الليزر".. فأطلقوا الليزر في وجه صلاح ليضيع الركلة الأولى.. ثم أطلقوه أيضاً في وجه زيزو ليضيع الركلة الثانية.. ويضيع معها حلم المونديال لتتأهل السنغال إلى كأس العالم.
 
ليقترب المشهد المنتظر والبداية المشوقة برحيل كارلوس كيروش عن تدريب منتخب "في لقاء زوووووم" بحجة أنه كان يشترط بعض الطلبات غير المبررة مثل "إلزام اتحاد الكرة بعدم التدخل في عمله.. ومنع أعضاء المجلس من توجيه الانتقادات له في عمله..واستمرار فينجادا في منصبه.. واستمرار مسابقة الدوري المصري"... علما أن رئيس اتحاد الكرة السابق خرج عن صمته وأكد أن كارلوس كيروش تم إجباره على الرحيل من منتخب مصر من قبل الاتحاد المصري الحالي لكرة القدم.. علما بأن اتحاد الكرة الحالي كان قد صرح بعد ذلك وأكد أن كيروش رحل "عشان مفيش دولارات في خزينة الاتحاد".....!

ورحل كيروش.. وانقسم المجلس بين وطني وأجنبي.. فوقع "في الفخ" الاختيار على إيهاب جلال الذي سبق ورفض منتخب مصر من قبل وقبل تعيين حسام البدري.. ليشهد الثاني عشر من أبريل حقبة إيهاب جلال مع المنتخب.

فكان السؤال "لماذا وقع الاختيار على إيهاب جلال وما هو المطلوب منه".. فكان رد المدير التنفيذي لاتحاد الكرة.. هذه أشياء يحتفظ بها اتحاد الكرة لنفسه !.

بدأ إيهاب جلال مهمته مع المنتخب بفوز باهت على غينيا بهدف نظيف في افتتاح التصفيات الافريقية المؤهلة لكأس الأمم.. ثم كانت المواجهة الثانية أمام إثيوبيا في مالاوي.

لنشهد جميعا على أول فوز تحققه إثيوبيا على مصر من الثمانينات وأول فوز لإثيوبيا في جميع المسابقات منذ 11 مباراة ويخسر المنتخب بثنائية نظيفة أمام إثيوبيا في مشهد مذل ومخيف لم تعيشه الكرة المصرية منذ سنوات طويلة.

ثم بدأ "الأكشن" وظهرت بيانات اتحاد الكرة بدعوى لاجتماع طارئ لمناقشة ما حدث في مباراة إثيوبيا وأنباء عن إقالة إيهاب جلال.. إيهاب جلال الذي لم يلعب سوى مباراتين ولم يصبح مديرا فنيا لمنتخب مصر سوى منذ شهرين فقط.. إيهاب جلال الذي كان ينتظر لعب مباراته الودية الأولى مع المنتخب المصري والتي جاءت لسوء حظه بعد المباراتين الرسميتين.

ثم طالب اتحاد الكرة الجميع بالهدوء.. وجاءت التصريحات لتؤكد أنه الاتحاد لا يستطيع إقالة إيهاب جلال في الوقت الحالي نظرا لإرتباط المنتخب بمباراة كوريا الودية والتي لا بديل عن خوضها بسبب "الشرط الجزائي.. عقدتنا المستمرة".

لتسافر بعثة منتخب مصر "بسلامة الله" وعلى رأسها إيهاب جلال لملاقاة كوريا في رحلة تستغرق 12 ساعة على أقل تقدير.. وهذا ما حدث.

فقبل سفر طائرة منتخب مصر كان إيهاب جلال مديرا فنيا لمنتخب مصر ولكن قبل هبوطها بسلام كان إيهاب جلال قد رحل عن منتخب مصر وفي مكالمة هاتفية لـ جمال علام رئيس اتحاد الكرة في إحدى البرامج ولكنه كان يتحدث "عن دراسة بركات وحازم إمام" لبعض السير الذاتية لعدد من المدربين الأجانب تحسبا لأي ظروف طارئة قد تحدث قبل اجتماع الخميس المقبل الحاسم في مستقبل ومسيرة المنتخب المصري.

وليكون الاتحاد المصري أكثر وضوحا.. أصدر بيانا على الفور يوضح فيه أن رئيس الاتحاد لم يقيل إيهاب جلال من منصبه ولكنه في نفس الوقت يدرس سير ذاتية لمدربين أجانب...حدث بالفعل!.

لنستكمل أكثر مشهد هزلي وعبثي قد تشهده الكرة المصرية على مر العصور وتأخذ السبق في أسرع قرار إقالة لمدير فني لم يلعب سوى مباراتين ولم يمكث سوى شهرين و"محدش بقى عارف كان جاي في ايه ورايح في ايه".

لنطرح السؤال الأهم.. ماذا لو تغاضى "الليزر" عن عيون صلاح وزيزو وسجل الأثنان ركلتي الجزاء أمام السنغال وتأهلت مصر للمونديال.. هل كان سيكتب النجاح لمجلس اتحاد الكرة الحالي.. هل كان سيصبح من الاتحادات التاريخية في الكرة المصرية نظرا لتأهل مصر في وجوده لكأس العالم للمرة الرابعة فقط في التاريخ.. هل يعقل أن تكون ركلات الترجيح هى الفيصل بين "كاس العالم والفيضحة" للمنتخب المصري..الإجابة في الجبلاية !.