محمد صلاح.. "الترند"

كتب : أحمد حسين

السبت، 26 فبراير 2022 04:00 م

shareicon

مشاركه

يقول أحد الفلاسفة "إذا منحت الذهب لمن لا يعرف ولا يفهم قيمته سيصبح الذهب في يديه بلا قيمة" أي أنه إذا حصل أي شخص على شئ يجهله ويجهل قميته وأهميته فإنه سيتعامل معه وكأنه شيئا عاديا مثل باقي الأشياء التي تحيط به، ولعل هذا هو ما ينطبق في الوقت الحالي على تعامل الـ«بعض» مع الأسطورة المصرية التي قلما يجود التاريخ بمثلها النجم محمد صلاح صانع التاريخ ومحطم الأرقام ومتجاوز كل الحدود في مدينة ليفربول الإنجليزية.

البعض يجهل قيمة صلاح ويجهل ما فعله ويفعله كل يوم لمصر ورياضتها ومكانتها عالميا قبل محليا، فالأمر لم يتوقف عليه بشكل شخصي أو نجاحات فردية يحققها، بل أنه أصبح رمزا يشار إلى مصر به ومن خلاله، يكفي أن تذهب إلى إنجلترا أو أي دولة أوروبية أو حتى في قارة أخرى وتقول لهم أنك مصري، وسيكون الرد من جانبهم "مصر بلد مو صلاح"، ولكن في بعض الأحيان وليس كثير منها يتناسى هواة ركوب الترند وأصحاب نظريات (خالف تعرف) هذا الأمر ويبدأون في التعامل مع صلاح وكأنه لاعب في دوري الدرجة الأولى أو الثانية المصري -مع كامل الاحترام والتقدير لدورينا بكل درجاته- وانتقاده بل والتجريح فيه وكأنه حق مكتسب لهم وأنه عليه أن يسمع لهم ويسير على هواهم.

انتقاد صلاح من البعض غير الفاهمين والمدركين لقيمته ومكانته ونجوميته وشهرته يتكرر كل فترة وبنفس الكلمات ونفس الجمل والأفكار، فتارة يقولون عنه لا يؤدي مع المنتخب كما يفعل مع ليفربول، وتارة أخرى يقولون عنه لا يجيد الحديث للإعلام وتارة أخرى يدعون بهروبه من تمثيل المنتخب، ومرات كثيرة يقولون إنه صاحب المنتخب ويتحكم في التشكيل ويضغط لضم أصحابه من اللاعبين إلى قائمة الفراعنة في المباريات، والغريب والعجيب أن نفس هؤلاء الأشخاص يخرجون للتهليل والتكبير باسم صلاح مع كل انتصار يحققه مع ليفربول أو المنتخب ويحاولون التمسح في فيه، ومع نظره دقيقة فقط ستجد أن انتقادهم ومدحهم ليس سوى إلا محاولة لركوب الترند والصعود بعداد المشاهدات إلى أقصى رقم.. فمن يكون أفضل من صلاح ليحقق لهم هذا؟.

الأمر الغريب الأخر الذي يخرج من البعض هو التقليل من صلاح وما وصل إليه فبعد أن أصبح غالبية الوطن العربي والقارة الإفريقية يقولون عنه فخر العرب وفخر القارة، تجد القليلين للغاية من هواة جمع اللايك والكومنت والباحثين عن كثرة الشير، يقولون أن أخرين من بلاد عربية أخرى هم فخر العرب وليس صلاح ويدخلونه في مقارانات لا طائل منها ولا فائدة إلا فقط تحقيق هدفهم بالتقليل منه دون وجه حق، حتى يشار إليهم بأنهم المختلفين، متناسين حتى المثل المصري الشهير «أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب» فحتى وإن لم يكونوا من محبين صلاح أو مقدرين لتاريخه وما فعله على الأقل يجب أن يتعاملوا معه من مبدأ أنه مصري وعلينا دعمه في كل وقت.

بالورقة والقلم والمنطق والعقل والواقع سنجد أن صلاح الذي يمضي عامه الرابع مع فريق ليفربول، يتمتع بحالة حب وعشق بين جماهير الريدز، لا يمكن لأي لاعب أن يتمتع بها إلا لو لعب عددًا طويلًا من السنوات بقيص الريدز وفاز بعدة ألقاب في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.. لكنه لم يحتَج إلى هذا كله حتى يكون الـ«إيجيبشن كينج» لجماهير المدينة الساحلية.. فلماذا لم يأخذ هؤلاء المتفذلكين بالهم ويرون قدره عند يقدره بشكل صحيح.

ببساطة وسهولة ويُسر، أصبح قدر صلاح عندهم بقدر نجمهم الأسطوري المحبوب ستيفان جيرارد، وموقع "يوتيوب" عليه كل الفيديوهات التي تكشف حقيقة ما أقوله، ولكم في الفيديو الذي نشره ليفربول عبر صفحته على "فيسبوك" لمجشعي النادي من الأطفال وهم في حالة انهبار وذهول عند رؤيتهم نجمهم الأول والمفضل محمد صلاح وسجود أحد الأطفال له، للتعبير عن الحب الكبير الذي بداخله للنجم المصري، خير دليل على قيمته ومكانته.

عليكم مراجعة مباريات ليفربول ومشاهدة كيف غيَّرت الجماهير من عاداتها بغناء الأغنية الشهيرة (لن تسير وحدك) إلى أغنية خاصة لمحمد صلاح! عليكم أن تشاهدوا الجماهير الإنجليزية وهى تعلن عن رغبتها في القدوم إلى مصر، من أجل مشاهدة البلد الذي أتى منه صلاح.

عليكم يا مَن تنتقدون صلاح، أن تعودوا بالتاريخ عدة سنوات إلى الوارء وتتذكروا كيف كانت أن أقصى أمانيكم هى رؤية لاعب مصري في أضعف الفرق بالدوريات الأوروبية، وكم كانت أمانيكم أن يوجد في قوائم المباريات لا حتى التشكيل الأساسي! ولكن الآن أصبح لديكم لاعب رفع من سقف طموحاتكم بأن تروا نجمًا مصريًّا يفوز بلقب الأفضل في العالم مثله مثل ميسي ورونالدو وزيدان ورونالدينهو وغيرهم من نجوم العالم..

هل ذنب صلاح أنه لم يفعل مثل (عتاولة الإيجيبشن ليج) الذين ذهبوا إلى أوروبا ولم يقدروا على الصمود وعادوا كما ذهبوا، هل ذنبه أنه أصبح يتطبع بطباع (العمل ثم العمل ثم العمل)، إن كان صلاح قد أخطأ في بعض الأحيان كما تدعون، فكان عليكم أن تكونوا رحيمين به في النقد وأن تنصحوه ولا تكسروه، أن تصوبوا له ولا تقسوا عليه.. ولكن كيف تفعلون ذلك وتتركون شهوة اللايك والشير والكومنت.

أما صلاح فعليه أن يعلم قيمته وقدره بين جموع المصريين، وأن نجاحه حتى الآن لم يرفع من سقف الرياضيين فقط، بل رفع من طموح كل شاب مصري مجتهد وموهوب يؤمن بأن العمل والصبر والاجتهاد هم سُبل النجاح، عليه أن يعلم أن ما فعله من رسم صورة ذهنية رائعة عن المصريين في أوروبا والعالم أجمع، لم يفعله أي نجم مصري أو عربي أو إفريقي آخر، عليه أن يفاخر بنفسه ويتباهى بذلك ويردد في كل مرة بأن ما وصل إليه لم يصل إليه من قبل أي مصري وعربي وإفريقي.