اتحاد الكرة ورسالة التماثيل الذهب المجهولة

كتب : أحمد حسين

الجمعة، 17 يونيو 2022 12:44 م

shareicon

مشاركه

من المفترض أن أي مؤسسة رياضية في العالم تهدف وتسعى لتطوير العمل والمؤسسة القائمة عليها، أن يتولى إداراتها أشخاص يملكون من الخبرة والعلم والحنكة لإدارة هذا المؤسسة، خصوصا وأننا الآن في عام 2022 والذي أصبحت فيه الرياضة بأكملها، وليس لعبة واحدة منها، صناعة كاملة متكاملة تدر الملايين بل والمليارات من الدولارت، فالأمر لم يعد كونه هواية ومهارة فقط تحب أن يشاهدها الجمهور، ولكننا في اتحاد الكرة المصري الذي يترأسه حاليا جمال علام، مازلنا نعيش زمن ما قبل التلفزيونات الملونة وعصر الإنترنت، فالأمر يسير بنظام التربيطات والتظبيطات والشلة والأهل والأصحاب والأحباب، فالأهم من أن تكون صاحب علم ورؤية وخطة واستراتيجية، هو أن تكون صاحب شبكة علاقات قوية مع الجمعية العمومية للجبلاية، تجني من ورائها الأصوات التي تصعد بك لكرسي مجلس الإدارة.

مجلس الإدارة الحالي برئاسة جمال علام منذ أن تم انتخابه مطلع العام الجاري، وهو يفعل ما من شأنه الابتعاد كل البعد عن العلم والتخطيط وتطوير الكرة المصرية، بل قام في فترة قصيرة لا تتعدى الخمسة أشهر باتخاذ قرارات تُسهم في العودة إلى الخلف والتأخر بشكل أكبر عن وضعنا السابق، والدليل الواضح على ذلك هو المؤتمر الصحفي الذي أقامه الاتحاد مؤخرا للإعلان عن قرارات جديدة لتصحيح أخطائه السابقة التي يتخطى عددها، عدد أيام وجود المجلس الحالي في الجبلاية.

ربما كان البعض يشعر بالتفاؤل في بداية المجلس الحالي نظرا لوجود أسماء لها ثقل في الوسط الرياضي المصري مثل حازم إمام ومحمد بركات، وخالد الدرندلي، داخل المجلس، إلا أن الأداء المقدم من جانب الاتحاد كان كارثيا، فالبداية كانت بخروج الأعضاء للحديث عن عقد كارلوس كيروش مع المنتخب والمدرب يقود الفراعنة في كأس الأمم، في مشهد عبثي لا يحدث داخل أي اتحاد كرة في العالم، بل وما زاد من عبثية المشهد هو التفاوض بين الاتحاد والمدرب على تجديد تعاقده الذي تم على الشاشات والمواقع وصفحات الجرائد، حيث أننا وجدنا كل أعضاء الاتحاد يخروجون للإدلاء بالتصريحات وكشف الكواليس ونقل كل بنود التفاوض على المشاع للجماهير، وهي العشوائية التي استمرت في إدارة ملف هام مثل ملف أحداث مباراة المنتخب أمام السنغال بتصفيات المونديال، فنجد مرة رئيس الاتحاد يقول إننا طلبنا إعادة المباراة ومرة أخرى نجد أحد أعضاء الاتحاد يؤكد أننا طلبنا التأهل مباشرة، ونجد أخرا يتحدث في شأن مختلف، وفي النهاية لم نجد بيانا واحدا يكشف الحقيقة من مجلس الاتحاد يوضح للجماهير حقيقة الأمر.

الأمر لم يتوقف داخل الاتحاد على العشوائية فقط، فما حدث في ملف مباراة نهائي دوري الأبطال والذي تدخلت فيه وزارة الشباب والرياضة للتحقيق من أجل معرفة ما حدث، أكد على أن الجبلاية سيطر عليها الإهمال وأن العملية أصبحت تدار بلا رقيب أو حسيب، فما حدث في ملف مباراة السنغال تكرر بالحرف في أزمة ملعب نهائي دوري الأبطال، كل مسئول يخرج بكلام مختلف عن الأخر وفي النهاية تتوه الحقيقة كالعادة.

كل العشوائية والإهمال وما سبق من سوء إدارة تجلى بشكل واضح في ملف اختيار المدير الفني للمنتخب الوطني، فرغم أن الجميع كان يرى ويطلب ويؤكد ضرورة تعيين مدير فني أجنبي لقيادة الفراعنة، خرج الاتحاد بقرار مخالف للجميع ومنقسم عليه أعضاء المجلس أنفسهم، وقام بتعيين إيهاب جلال في منصب المدير الفني، وحينما برر رئيس الجبلاية جمال علام أسباب القرار، قال إن تعيين إيهاب جلال جاء لعدم وجود أموال في خزينة الاتحاد لدفعها للمدرب الأجنبي، وهو تصريح كارثي لابد وأن يرحل علام بسببه، بل أن الاتحاد لم يكتف بضرب كل الأراء الرافضة لتعيين إيهاب جلال عرض الحائط والتصميم على قراره غير المدروس، وخرج بقرار أخر لا يقل كارثية عن القرار الأول بل يفوقه وهو إقالة إيهاب جلال والبحث عن مدير فني أجنبي جديد، بعد نحو شهر من تعيينه، في محاولة لإيجاد كبش فداء أمام الرأي العام بعد الهزيمة من إثيوبيا وكوريا الجنوبية، بدلا من الاعتراف بالفشل والرحيل.

ولكن المثير للدهشة والاستغراب أن الاتحاد الذي قال منذ شهرين إنه لا يملك الأموال للتعاقد مع مدير فني أجنبي فجأة وجود الأموال والدولارات لجلب الأجنبي، وكأنه وجود ميراثا كان مفقودا أو عثر على قطعة أثار وقام ببيعها، على طريقة الرسالة المجهولة "يا محمد أخوك لاقى تم تمثايل دهب انزل البلد وهات حد أمين يصرفهم"، فمن الواضح أن الاتحاد وجد شخص أمين يحصل من ورائه على الدولارات.

نحن بحاجة لأن يكون لدينا اتحاد كرة أعضائه يدركون حجم المسئولية المكلفين بها، لديهم من الخبرات العلمية والإدارية التي تمكنهم من إدارة أكبر وأقدم اتحاد كرة في المنقطة العربية وإفريقيا، لديهم من الثقافة وحسن اختيار الكلام وتوقيت التصريح به ما يجعل الجماهير تثق في أفكارهم وقراراتهم وخططهم، فلا يعني بالضرورة أن يكون لاعب الكرة إداريا ناجحا أو يكون من عمل رئيسا أو عضوا في مجلس إدارة نادي مؤهلا لإدارة الكرة في بلاده.