المدرب المثالي لمنتخب مصر

كتب : كريم رمزي

الإثنين، 11 أبريل 2022 07:20 م

shareicon

مشاركه

في كل مرة نختار فيها المدير الفني لمنتخب مصر، نطرح عددا من الأسئلة بعيدة عن المعايير المنطقية التي تضمن النجاح، أو بمعنى أدق تضمن إمكانية الوصول لأهداف مرضية. 

تلك الأسئلة، من نوعية، هل مدرب وطني أم أجنبي؟ هل راتب كبير أم راتب صغير؟ مدرب أشتغل معانا، ولا أول مرة؟ هل له خبرات في الكرة المصرية أو الأفريقية؟ 

وللأسف كل هذه الأسئلة الإجابة فيها غالبا تكون إجابات غير صحيحة، أو إجابات سلبية تذهب بنا لنفس الطريق، طريق الفشل. 

- تعالى نسأل الأسئلة الصادمة الواقعية بداية حتى نصل للإجابات الصحيحة.. 

سؤال افتتاحي لابد منه.. هل منتخب مصر منتخب كبير (فنيا) على مر التاريخ؟ 

منتخب مصر فاز بسبع بطولات أفريقية، منهم اثنين في 1957 و1959 شارك في البطولتين 3 منتخبات أفريقية فقط، مصر والسودان وأثيوبيا. 

واحتاج المنتخب المصري 27 عاما حتى يفوز بالبطولة الثالثة في 1986 على أرضنا ووسط جماهيرنا وبشق الأنفس في البطولة التي ضمت 8 منتخبات فقط، وصعدنا من مجموعتنا بفارق هدف عن المنتخب السنغالي وقتها بعد أن تساوت النقاط الأربعة بيننا وبينا المنتخب الإيفواري والسنغالي، وفزنا بالبطولة أمام المنتخب الكاميروني في نهائي شهير بضربات الترجيح بفضل الراحل الكبير ثابت البطل. 

في 1998 فازت مصر ببطولتها الأفريقية الثالثة بعد 12 عاما، وقتها قال الجنرال محمود الجوهري تصريحا شهيرا، سنذهب لهذه البطولة ونحصل على المركز الأخير، وقتها كان هجوما كبيرا على الجوهري واختياراته، هل تعلم أن اللاعب الذي هوجم بسببه الجوهري كان أسطورة هجوم منتخب مصر حسام حسن!

ذهبنا البطولة وليس لدينا أي آمال في عناصر المنتخب، حصدنا المركز الثاني ف مجموعتنا بعد الخسارة من المغرب بهدف مصطفى حجي الشهير، وبعدها فزنا على كوت ديفوار بضربات الترجيح، وشجعنا بوركينا فاسو في دور الثمانية حتى تفوز على تونس.. وقتها كانت تمثل لنا منتخبات شمال أفريقيا عقدة.. صعدت بوركينا بالفعل بضربات الترجيح وفزنا عليها ثم فزنا على جنوب أفريقيا بأداء مثالي وهدفين رائعين في النهائي. 

ملحوظة: لم يشارك المنتخب النيجيري بسبب عقوبات كاف، ووقتها كان أقوى منتخب في القارة بل وواحد من أكبر منتخبات العالم بعد الفوز بأولمبياد 1996 والفوز التاريخي على أسبانيا في كأس العالم 98. 

وجاء الجيل الاستثنائي لمنتخب مصر من 2006 لـ 2010، حصدنا بطولة 2006 بدفعة جماهيرية كبيرة على أرض مصر، وبعدها لعبنا بطولتين رائعتين فنيا في 2008 و2010. 

سؤال اعتراضي وسنكمل السرد.. لو خسرنا نهائي كأس الأمم الأفريقية في مصر 2006 بضربات الترجيح، هل كان سيكمل حسن شحاتة مشروعه؟ هل كنا سنفوز ببطولتي 2008 و2010 بعدها؟ هل كان سيطلق على هذا الجيل وقتها الجيل الذهبي؟ 

عموما تخلل هذه الفترة مشاركة وحيدة في كأس العالم 1990، منتخب مصر شارك خلال هذه الفترة من الخمسينيات في كأس عالم وحيد! 

ماذا يعني كل ماسبق؟ 

يعني أن المنتخب المصري كان يفوز دائما بشكل استثنائي ليس مبنيا على نظام أو توقع، والدليل أن في كل هذه البطولات لم نكن المرشحين الأوائل فيها، باستثناء بطولتي 2008 و2010، لإن 2006 حتى لم نكن المرشحين الأوائل للفوز بها. 

ملحوظة أخرى، المنتخب الكاميروني هو صاحب لقب منتخب القرن في القارة الأفريقية، والمنتخب النيجيري هو صاحب المركز الثاني، ونحن في المرتبة الثالثة، والطريف أن المنتخب السنغالي لا يتواجد في قائمة العشرة الأوائل في هذا التصنيف..  

هل يمكننا الفوز بلاعبين محليين وليسو محترفين؟

سؤال مطروح وبقوة دائما، ولكن تعالوا نتفق بداية إن هناك جيلا استثنائيا لمنتخب مصر كان من 2006 لـ 2010 ضرب بكل المنطق عرض الحائط، جيل تاريخي مدته 4 سنوات فقط، لا يجوز القياس عليه في كل خطواتنا، أو المقارنة بينه وبين أجيال سابقة أو لاحقة. 

- علما بأن أفضل لاعب في بطولتين من الثلاثة (2006-2010) كان لاعبا محترفا في أوروبا هو أحمد حسن.

ولكن قبل تلك البطولات الثلاثة، في 86 و98 تحديدا، كان حجم احتراف اللاعبين الأفارقة في أوروبا، ليس بعدد كبير، وبالتالي كانت المستويات متقاربة إلى حد كبير. 

هناك منتخبات تفوز وتحقق إنجازات بلاعبيها المحليين، ولكنها مجرد استثناءات مثل اليونان في كأس أوروبا 2004، وتركيا التي صعدت لنصف نهائي كأس العالم 2002.. أين منتخبات اليونان وتركيا الآن؟ 

المشكلة أن مفهوم الإحتراف لدينا ليس بصحيح، المحترف الحقيقي لدينا هو محمد صلاح، يلعب لفريق كبير، بشكل مستمر، ينافس على بطولات، باقي لاعبينا المحترفين ربما لا يشاركون بشكل منتظم أو يلعبون لفرق لا تنافس على بطولات، والرغبة في المنافسة على البطولات عنصر مهم وهدف ضروري للاعب تضمه للمنتخب، لإننا نبحث عن البطولة وليس اللعب الجيد فقط.

لو سألتك أيهما أفضل محمود حمدي الونش أم كاليدو كوليبالي؟ عمرو السولية أم نامباليس ميندي؟ ربما لو كنت زمالكاوي ستختار الونش، ولو أهلاوي ستختار السولية. 

والحقيقة أن موهبة الونش والسولية الفطرية ربما تتساوى أو تكون أفضل من كوليبالي وميندي – الله أعلم - ولكن حدثني عن المنافسة بين هذا وذاك؟ 

أي خصم ينافسه كوليبالي وميندي مع نابولي وليستر، وأي خصم يواجهه الونش والسولية مع الزمالك والأهلي؟ الحكاية حكاية منافسة قوية تخرج كل مهاراتك وإمكانياتك وتطورها. 

الونش والسولية على سبيل المثال هما نجمان كبيران في مسابقتنا المحلية، ولكن ماذا عن المستوى الأكبر الأفضل الأكثر تنافسية؟ 

المدرب الوطني أم المدرب الأجنبي؟ 

خطأ فادح الإختيار بهذه الطريقة، خطأ كارثي تاريخي، اختيار المدرب لا يتم بطريقة جنسيته إيه! ولا يتم إختياره بالجنيه المصري ولا الدولار الأمريكي. 
المدرب يتم اختياره بعد وضع معايير واضحة فنية وخططية، لها أهداف طويلة الأمد وأيضا أهداف قصيرة الأمد. 

الأهداف الطويلة الأمد لابد من الصبر عليها من كامل المنظومة، ديديه ديشامب تولى تدريب فرنسا في 2012 وخرج من كأس العالم 2014 من دور الثمانية، وخسر نهائي يورو 2016 على ملعبه من البرتغال، وفي 2018 فاز بكأس العالم بعد 6 سنوات من الصبر عليه. 

خطة حقيقية، لا نختار مدرب لإنه بيلعب بالروح لإن الروح ربما تعطي نتائج ولكن نتائج استثنائية.. إيطاليا بلد الحماس والروح والجرينتا فازت بيورو 2020 بمدرب هادئ جدا هو روبرتو مانشيني، المستمر مع المنتخب حتى بعد الخروج من تصفيات كأس العالم 2022.  

ومن قال لك إن السنغال ونيجيريا والجزائر والمغرب واليابان وإنجلترا وإسبانيا والهند والبرازيل لا يلعبون بالروح والحماس! 

ولا مدرب حقق إنجازات سابقة، لإن كل وقت وله ظروفه وعناصره ، إسبانيا عندما قررت مشروع جديد للمنتخب جاءت بلويس إنريكي وليس ديل بوسكي الفائز بكأس العالم 2010 ويورو 2012. 

من المدرب المثالي لمنتخب مصر؟ 

المدرب المثالي، هو أي اسم قادر على تطوير الكرة المصرية، وليس المنتخب المصري.

- مدرب له خطة فيما يخص المسابقات المحلية، من نظام البطولات وعدد الفرق المشاركة وانتظام مبارياتها.
- مدرب يستطيع تطوير اللاعبين، وتقديمهم للسوق العالمي، وليس مدرب لارضاء الفرق وجماهيرهم. 
- مدرب في مرحلة عمرية تؤهله صحيا وفنيا للاستمرار في مشروع طويل الأمد مع المنتخب.
- مدرب يشرف على المنتخبات الأقل عمرا، يشارك في اختيار مدربيهم، ولاعبيهم. 
- مدرب يذهب لكل الملاعب ويطلب تطويرها طبقا للمعايير العالمية.
- كل هذا قبل الحديث عن الأمور الفنية، هل سيلعب كرة هجومية أم دفاعية، 4-3-3 ولا 4-2-3-1.